خلال مؤتمر صحافة السلام الذي عقدناه في اليمن جمعنا عدد من آراء الصحفيين والناشطين حول السلام وحرية الصحافة، حيث صنَّف فهيم منصور السلام في الواقع إلى منهجان، هما السلامة والتحرش، واعتبر أن منهج السلامة لا يكون بالكلمة فقط، بل بأن يكون الإنسان مسالماً مع الآخرين في سلوكياته، وأخلاقياته، ونظره، وسمعه، ويمثل رسالة سلام في واقعه، بينما منهج التحرش يجعل الصحفيون يهاجمون بعضهم البعض، ولفت إلى أن علاج ذلك يجب أن يستند على منهج السلامة فلغة السلام تبدأ من الإعلام ورواده، كونهم المؤثرين في المجتمع.
وقال وجدي باوزير: “يجب أن نكون متسامحين، والكل يصفح عن الآخر ويقبل به، حتى يجني الجميع ثمار بذور السلام، بينما لو ظل الجميع في تناحر وتخاصم فمهما تم الحديث عن السلام في المنصات ووسائل الإعلام لن يكون له قيمة، ما لم ينطلق من طهارة القلوب”، وبيَّن أن الجميع خاسر في حرب اليمن رغم إدعاء كل طرف أنه صاحب حق ومبدأ وحرية، بينما يعاني الشعب اليمني من ويلات الحرب، ودعا الأطراف المتصارعة عبر مؤتمر صحافة السلام إلى ترك السلاح، والجلوس على طاولة المفاوضات، معبراً عن اشتياقه لعودة السلام إلى اليمن.

وأفاد محمد سليمان أنه سافر براً من مدينة سيئون إلى المكلا جنوبي اليمن في رحلة استغرقت منه ستة ساعات، لاعتقاده بأهمية حضور مؤتمر صحافة السلام، وأوضح أن العدو الأول للتنمية المستدامة هو الفساد، ودور الصحافة يتجسد في الكشف عن الفساد ولكي تحقق الصحافة ذلك، يجب أن تكون هناك سلطة مستجيبة وقضاء عادل، وأشار إلى أن المؤسسات الإعلامية الرسمية في يد الحاكم وهذا شأنها، بينما المؤسسات الإعلامية المستقلة تخلت عن مسئولياتها.
ويرى محمد سليمان أن المؤسسات الإعلامية التي أتاحت الفرصة للصحفيين بأن يعبروا عن ما يشاؤون، أسهمت في إثارة المشاكل وعدم ضبط كتابات محرريها، لأن المحرر يبحث عن السبق الصحفي على حساب المصداقية، ومضيفاً أن من أخلاقيات الصحافة جلب الضرر، وذلك بعدم نشر صور أشلاء الأجساد والدماء في الحرب، التي لا تتأتى أي فائدة من نشرها، وقد تؤدي لإثارة الخوف والرعب في المواطنين دون تحقيق منفعة حقيقية، وأكد على ضرورة وجود ثقافة الاعتذار عند الصحفي في حالة نشره لمعلومة خاطئة ليس لديه دليل على صحتها.

وقال فادي حقان عن مؤتمر صحافة السلام: “نحن بحاجة إلى مثل هذه الفعاليات البحثية، وذات الأسس والمعايير التي تمكِّن من ممارسة العمل الصحفي بطريقة بناءة”، ويرى أنه لا يوجد في واقع حضرموت جنوبي اليمن أية صحافة مهنية على عكس الصحافة خارج اليمن، بينما أشار إلى أن صنعاء لديها صحافة استقصائية تنفذ إلى المعلومة الصحيحة، في الوقت الذي يغيب عن الصحفيين في حضرموت وجود التحقيقات الواسعة والمعمقة، بسبب الخوف، وأوضح أن الإعلام الرسمي قد يبالغ في نقل الأخبار ولا يلتزم بالدقة والمصداقية، وقد تأثر الصحفيون المستقلون بهذا الإعلام.
بينما قال حسن بن سميدع: ” أصبح اليوم كل مواطن صحفياً في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا أدى إلى تشويه مهنة الصحافة، لعدم وجود رقابة ومحاسبة على ما يكتب وينشر، فيجب على الجهات المسئولة أن تقوم بواجبها تجاه الصحفيين”.

وقال جاسم السكوتي: “يظل الشباب بحاجة إلى تدريب وتأهيل من أجل فهم طبيعة التغطية الإخبارية” داعياً الجميع للالتزام بقيم التسامح والتعايش.
وأكد عبدالرحمن باضاوي على ضرورة تفعيل نقابة الصحفيين في اليمن، لأنه عندما يريد الصحفي أن يكتب تحقيقاً كي يكشف عن بعض المعلومات حول بعض الأطراف، لا يوجد من يحميه عند تعرضه للتهديد، فلربما رصاصة واحدة تجعله يضحي بحياته، وأشار إلى أن هناك صحفيين بمجرد مناصرتهم لبعض القضايا تعرضوا للانتهاكات، والضرب، والسجن، والتعذيب، مبيناً أن السلام لن يتحقق إلا بترك فضاء من الحرية للصحفيين للتعبير عن قضايا المجتمع.

وأفادت عصماء اللحمدي أنها انتقلت من محافظة شبوة إلى حضرموت جنوبي اليمن، وتربَّت في طفولتها على أن السلام يرتبط بحضرموت، وترى أن الحرب الأهلية في اليمن، ليست حرب أسلحة مادية بل حرب أسلحة معنوية، فالصحفيين بأقلامهم هم جنود في الحرب، فإما أن يشعلوها أكثر أو يأخذوها إلى منحنى السلام، وأوضحت أن ارتباط مصطلح الصحافة بمصطلح السلام في منصة صحافة السلام يعيد الصحافة إلى مكانها الحقيقي الذي يجب أن تكون فيه.
وقال عمر باذيب: “السلام شعار الكل ينشده، وكل طرف من أطراف الصراع يتمناه، فهو غريزة عند الإنسان للحفاظ على الجنس البشري، ولكي يتحقق السلام لابد من بلورة الخلاف عند المتصارعين، وتقريب وجهات النظر والأفكار التي يختلفون فيها”، مشيراً إلى أن الصحافة هي السلطة الرابعة وهي أداة بيد النظام، فعندما يكون النظام عادلاً فالصحافة تدعمه، وعندما يكون فاسداً تقوم بتغطية عيوبه، وهذا هو الواقع والحاصل في اليمن، لذلك الصحفيين يشكون من الانتهاكات ويطالبون بحرية الصحافة.

أضف تعليق