قدمت عطيات باضاوي ورقة بحثية حول القرار الأممي 1325 بشأن المرأة السلام والأمن، وذلك في ندوة تمكين المرأة في عمليات التفاوض وبناء السلام، التي عقدناها في حضرموت جنوبي اليمن.
المقدمة
يأتي هذا الموضوع والذي يهدف إلى تعزيز دور المرأة وزيادة قدراتها القيادية من خلال إتاحة الفرصة لها للمشاركة في جميع المجالات، وزيادة الوعي السياسي، لتمكينها من حقوقها الشاملة وأدوارها الطبيعية، التي كفلتها لها القوانين والقرارات الدولية على مستوى العالم، وخصوصاً قرار مجلس الأمن 1325 لعام 2000م، من هذا المنطلق تم إعداد هذه الورقة، لإيجاد وعي لدى المرأة بحقوقها، ومهامها الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والوطنية، ومكافحة العنف ضدها.
اعتمد القرار الأممي لمجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والامن في 31 أكتوبرعام 2000م، لأخذ التدابير اللازمة في المسائل المتعلقة لمشاركة المرأة في عمليات صنع القرار والعمليات السلمية، ويعد القرار خطاً فاصلاً بالنسبة لتطوير حقوق المرأة، وقضايا الأمن والسلام، وهي بمثابة وثيقه رسمية وقانونية تصدر من مجلس الأمن يطلب فيها من أطراف النزاع احترام حقوق المرأة، ودعم مشاركتها في مفاوضات صنع السلام.
أهمية القرار
1) زيادة مشاركة المرأة في جميع مستويات صنع القرار.
2) مشاركة المرأة في حل الصراعات، وعمليات حفظ السلام.
3) حماية المرأة من كافة أشكال العنف.

مؤتمر المرأة في بكين
تضمن المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين 1995م، قصلاً كاملاً يركز على المرأة والسلام والامن، لأن مجتمع المنظمات في التسعينات كان لديه قلق متزايد من التأثير السلبي للحرب على المرأة وانعكاساته، وخاصة في الحروب الأهلية في البوسنة، وغرب افريقيا، ورواندا.
ولهذا فإن القرار الاممي 1325 الصادر من قبل الأمم المتحدة هو انعكاس لتلك التحديات، والصراعات الدولية والأهلية، لحماية المدنيين، وخاصة المرأة من أشكال العنف المختلفة.
المكونان الرئيسان للقرار
1) مكافحة العنف الجنسي أثناء الصراع المسلح.
2) زيادة مشاركة المرأة في عمليات السلام والمؤسسات السياسية.
وقاد هذا القرار إلى زيادة الاهتمام بتعميم المنظور بين الجنسين، وتقييم تأثير السياسات المختلفة على المرأة والرجل، وإدارة عمليات حفظ السلام، ويركز القرار على الآتي:
1) منع العنف القائم على الجنسين والنوع الاجتماعي.
2) تحسين أمن الفتيات والنساء، وتحسين صحتهن، وأمنهن الاقتصادي، وحياتهن بشكل عام.
3) التركيز على تحسين حقوق النساء والفتيات.
4) زيادة أعداد النساء في مراكز صنع القرار.
5) يجب أن تكون النساء جزءاً من الحل حيث ما يوجد الصراع.
6) السماح للنساء بالمشاركة في مفاوضات السلام.
7) مشاركة النساء في مرحلة ما بعد الصراع، من خلال تمكينها السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي.

دور المرأة العربية والغربية في الحياة السياسية
هناك نساء ساهمن في مسيرة البشرية منذ خلق آدم علية السلام حتى يومنا هذا، ومن النساء السيدة مريم العذراء، والسيدة خديجة بنت خويلد، وماري كوري، والملكة فكتوريا، وهيلين كيلر، ومارجريت تاتشر المرأة الحديدية، وغيرهن.
وبنظرة أعمق لهذه الجزئية، والهدف منها هو إلقاء الضوء على أوضاع المرأة، وخاصة السياسية في عالمين مختلفين من عوالم الكرة الأرضية.
فبطبيعة الحال تختلق العقلية ومستوى التفكير من الشرق إلى الغرب، ويختلف معها تمكين المرأة وحصولها على حقوقها كاملة، فمثلاً: المستشارة انجيلا ميركل نراها على رأس السلطة في ألمانيا، بينما هذا لايمنع أن المرأة مقهورة في بيئات أخرى، وهذه قضية هامة تشغل الرأي العام العالمي منذ فترة طويلة، حيث يتم مناقشة قضية تمكين المرأة، وزيادة الدور الذى تؤديه في المجتمع، بما فيه في عملية صنع السياسة، وخاصة في الدول المتقدمة.

انعكاس الحرب في اليمن على المرأة
عبر تاريخها لم تتعرض المرأة اليمنية للمعاناة والإهانة، كما حالها اليوم، مثل ما أكدت العديد من الباحثات، ففي ذلك ترى الباحثة كرستيا أن النزاع له أثر مدمر على النساء في اليمن، حيث تنتهك حقوقها، وفي ظل الحرب والصراع والنزاع تقوم مئات النساء بمهن جديدة وقاسية أجبرتهن صعوبات الحياة المعيشية على ممارستها بحثاً على مصادر الرزق وإعالة أسرهن.
وتختلف حدة الحرب من جزء لآخر في اليمن، فهناك إمكانيات أفضل للنساء في حضرموت جنوبي اليمن، للمشاركة في عملية السلام، وفي مجهودات الإغاثة الإنسانية، والنقاشات حول الصراع من خلال الدورات وورش العمل.
وهناك العديد من مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني التي تسهم في عملية السلا والأمن والحوارات والنقاشات حول الصراع، وتقديم مشاريع عديدة في هذا الجانب تهتم بمناصرة قضايا المرأة والمجتمع وخاصة بعد 2015م، ومن تلك المؤسسات والمنظمات المحلية والحكومية والدولية مؤسسة الأمل النسوية الاجتماعية الثقافية، ومؤسسة إنقاذ، ومؤسسة بناء وسلام، واتحاد نساء اليمن، واللجنة الوطنية للمرأة في حضرموت، و(NDI)، ومجموعة مشروع نساء حضرموت من أجل السلام.
وتماشياً مع قرارات مجلس الأمن رقم 1325، الذي تناول أهمية إشراك المرأة في السلام والأمن، وكذلك ما ورد في الوثيقة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني اليمني، شكل مكتب المبعوث الخاص باليمن مجموعة استشارية نسوية ذات كفاءة، للاستماع إلى الأصوات النسوية المتنوعة، مستنداً على مبادئ الحياد والاستقلالية المهنية، وإضافة إلى ذلك يتم تدوير عضوية المجموعة الاستشارية، من أجل الاستفادة من خبرات النساء اليمنيات وإسهاماتهن .
بناء على ذلك نحن بحاجة ملحة لتغيير مفاهيم مساهمة ومشاركة المرأة في صنع القرار، وهذا يرتبط بعملية التحول الديمقراطي، واحترام حقوق الإنسان، والمفهوم الصحيح للمواطنة، ولتحقيق الكوتا الذي يعد أحد آليات تغير قواعد اللعبة السياسية، لرفع مشاركة المرأة ومساهمتها في صنع القرار السياسي وتمكينها سياسياً، والكوتا أشارت إليه اتفاقية “السيداو” ويمكن تعريف تمكين المرأة بأنه تلك العملية التي تصبح المرأة من خلالها فردياً وجماعياً في حياتها، وتكتسب الثقة بالنفس، والقدرة على التصدي لعدم المساواة بينها وبين الرجل.

لماذا التمكين؟
1) للتقليل من الأعباء المتزايدة والمتواصلة، التي يسببها الفقر، والجهل، والثقافة السلبية، ويلقي يها على كاهل النساء.
2) التفاوت وعدم المساواة بسبب الاستفادة غير المتكافئة من الرعاية الصحية، وما يتصل بها من خدمات.
3) عدم المساواة في الهياكل السياسية والاقتصادية في كل أشكال الأنشطة الإنتاجية.
4) عدم المساواة بين الرجل والمرأة في تقاسم السلطة، واتخاذ القرارات في كافة المستويات.
5) عدم كفاية وفاعلية الآليات اللازمة للنهوض بالمرأة على جميع المستويات.
6) إبراز دور المرأة في المجتمع، لتصل إلى مراكز صنع القرار، وتعزيز مكانتها المجتمعية.
7) إعداد وتجهيز المرأة للدور القيادي في مختلف مجالات الحياة.
ويجب أن تبدأ التهيئة لقيادة واعدة وصحيحة للمرأة بالتنشئة السياسية داخل الأسرة وفي المؤسسات السياسية، وإسقاط التمييز ضد المرأة، والعمل على إدماج الاتفاقيات الدولية، التي تزيل أشكال التمييز ضد المرأة،ضمن التشريعات الوطنية على الرغم من توقيع كافة الدول العربية على أغلب الاتفاقيات الدولية الخاصة بإزالة كافة التمييز ضد المرأة.
إذاً لكي تنجح النساء في المشاركة في السلطة والبناء الديمقراطي، تحتاج إلى إصلاحات واسعة، فعلى العموم نحن بحاجة إلى المؤسسات الحامية للديمقراطية، وللمجتمع المدني، والحريات، والحقوق، فنشاط المجتمع المدني، هو أيضاً أحد آليات التدريب السياسي للمرأة.
وختاماً لا يمكن للمجتمع أن يحقق التنمية الشاملة وبناء مجتمع جديد إذا لم يكن للمرأة دور في صياغة القرارات المتعلقة بحياتها الخاصة والعامة، وإذا لم تأخذ حصتها من الأعمال المهنية والإدارية والاقتصادية، وإذا لم تشارك في مؤسسات السلطة في مختلف المستويات، وفي مؤسسات صنع القرار، فتمكين المرأة بات يشكل التحدي الأهم في تحقيق التنمية على أساس المشاركة.


أضف تعليق