حين يتحول الصوت إلى ملامح وطن

1–⁦2⁩ من الدقائق

لم يكن علي عنبه مجرد فنان يؤدي أغنية، بل كان مساحة كاملة من الوجدان الشعبي اليمني، كان يغني وكأنه يكتب يوميات الناس، لا بورق وقلم، بل بنَفَسٍ يخرج من عمق الصدق.

في عالمٍ تتسارع فيه الموسيقى لتُرضي الخفة، كان الفنان علي عنبه يبطئ الإيقاع ليعيد للحن هيبته، وللكلمة مكانتها، لقد اختار طريقاً يجعل الفن التزاماً لا مهنة، وموقفاً لا ترفاً، كان يؤمن أن الفنان الحقيقي لا يُطرب فقط، بل يُطهِّر، ويواسي، ويُذكر الإنسان بإنسانيته.

لقد حمل الفنان علي عنبه هوية اليمن في كل نغمة، لا كرمزٍ سياسي أو شعارٍ وطني، بل كتجسيدٍ للحياة اليومية البسيطة، حيث تلتقي الأصالة بالوجدان، وحيث يصبح الإخلاص للفن رسالة سلام في وجه العنف والانقسام.

لقد غادر الفنان علي عنبه اليمن، متوجهاً إلى القاهرة بأحلامٍ لم تكتمل، ينظر من نافذة الطائرة إلى وطن يتوارى خلف السحاب، كأنّه يودّعه على مهل، دون أن يعلم أن الوداع الأخير قد بدأ.

لم يكن يعلم حينها أن عودته لوطنه ستكون على ذات الطائرة في صندوق تحمله الأيدي، لقد غاب جسده عنا، ولكن صوت فنه الذي تركه باقٍ، لأنه لم يكن مصنوعاً من ألحان عابرة، بل من مشاعرٍ لا تموت.

أضف تعليق